في ديرالزور
تعود الأبجدية كما رضعتها
فراتا وجسرا
وأعود طفلا يكتب اسمه بحبر النخيل
في ديرالزور
لايحلو للشمس مناغاة ظلها
إلا في كف فراتية سمراء
وأحب كما اعتدت دائما
أن أكتب وجهي كي تقرأني الصحراء
في ديرالزور
تقول حكايات الجدات:
إن القمح كان صلاة الفقراء
والطين المعجون بصبرهم
كان صلاة الأرض فوق الجباه
ورغيف الخبز يعلمهم
أن التنور يرسم حدود البلاد
في ديرالزور
كل السماوات سواسيةٌ
ولا فضل لغيمةٍ على سحاب إلا بالمطر
ولا لنجمةٍ على قمر إلا بالضياء
ولا لعينٍ على قلب إلا بالبكاء
يقول النهر لضفتيه:
إنما بُعثتُ لأرممَ تجاعيد اللقاء
في ديرالزور
أزرق هو ظلك
حين تساعد امرأة بحمل أغراضها إلى البيت
فتقول شاكرة لك: ( تعيش يمه)
وماأجمل اخضرار صوتك حين تغني:
( بالدير كلشي حلو حتى ظلام الليل)
كلما حك الليل فروة الذكريات
سلاما على لون المواويل في شفتيك
هكذا يقول ناي يحن إلى جرف النهر
في ديرالزور
لكل حمامة غصنا زيتون
ولكل عصفور ظلة تين
وللفراشات نبض الرحيق في عيون الأمهات
وللغزلان أيضا شغف البراري في عروق الجميلات
أما أنا فمثل الشوارع المفخخة بالحنين
أنتظر خطوات من اعتنقهم الرحيل
في ديرالزور
الليل قميصك الأسمر
وكل نجومه البيضاء أزرار وأسرار
تخبئها يد امرأة لها سبعون فلسفة
إذا قتلتك بالكحل
في ديرالزور
يغير الموت كل طقوسه
إن صادف طفلا
يرسم بالتراب ملامح بيته القديم
وامرأة تنجح في إقناع الدمع
أن حدود عينيها بريئة من هذه البلاد
كلما مسحت غبار النسيان
عن صورة ابنها الشهيد
في ديرالزور
كل الأنبياء أرادوا المرور من هنا
لكنهم عاهدوا الفرات
أن يسمعوا لشكواه يوم الحساب
وتركوا لكل نخلة من رائحتهم
مصحفا من شموخ
في ديرالزور
المسافة بين الرصاصة والرصاصة
وردة وسرب حجل و(موليا)
وهناك لاأحد ينجو سوى العارفين
سيرة النهر ورائحة الغناء..
السبت، 16 يناير 2016
في دير الزور - هاني الملحم - شاعر من سورية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق